الإستراحة
يمكن أن يحدث الكثير في محطّات الإستراحة على الطريق السريعة. صحيح أنها مجرّد بناية بمساحة عاديّة جدّا تعادل مساحة أي قهوة شعبية بشارع صغير بمدينة.... صحيح أنها تبدو خالية، معزولة وراكدة.. يعني مجرّد محطّة إستراحة على طريق صحراوية سريعة.. قد تتوقّع أن لا شيء يمكن أن يحدث بهكذا مكان، يرتاده الناس للتبوّل أكثر مما يرتادونه للأكل أو شرب القهوة: المروحة العملاقة بالركن توحي بالملل من شدّة الغبار المزدحم بين أجنحتها الثقيلة الطاولات الصفراء، المتسّخة ببقاع الدهان والقهوة والبصاق الممسوح على عجل، تشي بسنوات من الإهمال والركود.. الهواء ثقيل. عيون "السرفور" نصف مغمظة، تتابع بكسل متؤهب مباراة الكرة بالتلفزيون. الصبيّ يسحب أرجله خلف المسحبة، ليجمع أوساخ الأرضية القابض يعد ملاليم الأمس بتؤدة العابد.. الوقت يتثائب..... لكن العمال هناك يعرفون أنه يمكن أن يحدث ما لا نتوقعه، يتسلحون بعصا ثقيلة تحت الكنتوار وسكين حادة مخفية بعناية تحت غطاء الطاولة التي تحمل الكاسة. يضعون طاولة على جانب، مرتبة بعناية وحولها كراسي من خشب لا من بلاستيك. فوق الطاولة مزهرية، ومنفظة سجائر وحاملة محارم...