المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٩

كراتيني

كيف حالكِ  يا صديقة ؟ أتخيلكِ بذات الجلسة ، كغراب ملول طاعن في السن واليأس، يطل على العالم من غصن محترق بأعين ملؤها السخرية واللامبالاة..... أفكر بكِ ، أقلب خيال وأسهو لا شيء  أخبرك عنه: بدأت أهجئ الحروف الصغيرة للأمل  وأتعلم بعد كل هذا الوقت ،أنه مجرد إسم وعلىّ ككلّ شيء آخر أن أتقبّله.... صرت أتوقف قليلا  كل صباح أمام العجوز الأجرب الوحيد أمام العمارة دونما أن أشعر بذنب أو أسف أكرر : لا بأس بالحياة  قلبي ، قلبي الكسول ، يتنفس تحت الماء ، ويحتمل السعادة هل تصدقين ذلك؟ كل شيء عادي لازلت أهاب المشي في الليل  وأحب الزقاق الضيقة المظلمة... أستأنس عواء الكلاب المشردة الوحيدة  وأخاف الضوء الدافىء خلف النوافذ حيث يعلو أزيز العائلات وتبدو مرعبة  الألغام المؤقتة للسعادة تحت وسائد الأطفال.... أرحل عن بيت آخر في كراتيني، أصدقاء طيبون  وفساتين لم يخنها جسدي بعد،دمية قطن مبتسمة على الدوام، صحون وملاعق .. أكتشف أن لي خمسون سنة كأنما إكتشفت تحفة ثقيلة. هذا العمر لي حقا !! ؟؟ أقلبه بدهشة بين يدي ،  ماذا أفعل به؟؟  أتشاركه أم أورثه ؟ أم أتركه للعجوز الأجرب الوحيد؟  أي كرتون سيحمله؟

مروى

سأحدثكم عن مروى.... لا شك أنكم عرفتم نساء جميلات في حياتكم، لكن أحدا منكم لم يلتق قط بمن هي لجمال مروى. كل من يعرف مروى أو سمع عنها، يعرف أنه لا يوجد أجمل منها. لمروى بشرة أكثر صفاءا من مياه الينابيع. زرقة عينيها أجمل من شواطئ الكرايب. شعرها شلال أسود، تجمعه فوق رأسها كذيل فرس جامح. جسدها المخملي، أكثر نعومة من زهرات القطن الناضجة ويداها، أشد خفة من جناحي يمامة.... مروى كانت أجمل النساء. لكن لم يكن الجمال وحده ما يجعلها مميزة كانت تملك شيئا من السلطة الأنثوية الغامضة، وكانت مدركة تماما لذلك. تعودت منذ طفولتها أن تشهق العيون لطلتها وتتزاحم الدماء بالوجوه التي تتطلع إليها وتهمهم الشفاه بحضرتها كأنما تسبح لسر من أسرار الكون وفهمت بسرعة أن جمالها المألوف لها، ثروة لا تقدر بثمن.... كانت إذا حضرت عرسا من الأعراس بالحي، توقف الحفل وحبس الجميع أنفاسهم لمرورها. كانت تختار أي رجل لتقبله في دلال على مرأى من الجميع، كثري يدس مائة دولار بقشيشا لأي نادل.... كانت إذا مرت بالشارع وتوقف المارة لجمالها، تعرت لأجلهم، ضحكت في خفة للفوضى من حولها ثم هربت كما تفعل النجمات بشاشات التلفزيون.

عالم صوف

في عالمي الصغير،في الداخل، هناك في أقاصي الداخل.. أجلس بمفردي على أريكة من الصوف، أتفرج على تلفاز من الصوف، وأطرز بالصوف ستائري الصوفيّة الجديدة، وأراقب من الشباك، نمو سفرجلة صغيرة...  ألاحظ تراكم أكوام صوف رمادية في الفضاء ستمطر،أركض بسرعة لإعداد المدفأة، أنهي لعبة القطط وأدعوها للدخول، وأشعل كل الأضواء. في عالمي الصغير، هناك في الداخل، لا ماضي لي ولا أصدقاء أستكين لرفقة الأوهام، وأحشوها بالصوف لتكبر، وأحلم، أحلم في مكاني كثيرا أحلم بالدفئ، بقلب لا يحن لشيء، وببال خال... أحلم بالكثير، بحبيب يصطاد من أجلي قلوب الفرسان لأحشو بها عرائس الصوف التي أصنعها فتنبض حياة وتؤنسني في الوحدة. حبيب غائب، لا يأتي سوى عندما أحتاجه حبيب سخيف، حتى لا تموت داخلي الرغبة في الضحك ومشاعر الشفقة حبيب يهديني دبا في عيد الحب، لكن دبّ حقيقيّ، نجلس معا على شرفة مطلة على قطيع لا ينتهي من الأيائل البيضاء، ونتحدث عن البرية، وعن ضعف الإنسان وجبنه يطول الحديث يجوع الدب ويأكلني. هناك في الداخل، لا أريد أن يتوقف قلبي فجأة عن العمل، ولا أن تصدمني سيارة لا أن يغتالني الأشرار، أريد أن أكون فريسة فريسة إلى آخر عظم،