لستُ حامل

تأملت وجهى مطولا في المرآة بحثا عن أي حبّة تطلّ برأس ممتلئة، يثير إفراغها ما يثيره تقيئ سريع أو بكاء عاصف بشرتي صافية....

ألمس جسدى بقلق، هذه الطمأنينة الغريبة من أين لكِ ؟ ماذا تخفي ؟؟
 هذا الصّمت السّاكن مثير للقلق..

مرحبا ما بكِ !!
المفترض أنه اليوم الأول في العادة الشهرية..... المفترض أن عاصفة رعديّة تمرّ من هنا...المفترض أيضا أنّ حبّة متوهّجة تزيّن وجهي لأجل إعلان العاصفة....
جسدى هادئ، بشرتي ناعمة، أكاد أكون جميلة....
أكاد أكون جميلة قبل يوم من العادة الشهرية، هذا مؤشر لا يدعو للإطمئنان، أمعن الإنصات إلى جسدي،
ظهري لا يؤلم، لا ضغط يدهس عظامي، لا تشنّج ينهش أعصابي، لا أرغب بالعراك، لا ألاحق الاكل..

ألمس جسدي في قلق،أجبني أيها السافل، هل فعلتها ؟؟
جسدي صامت.....

أشعر بالخوف البارد يتسلل إلى قلبي....
جسدي لا يجيبني....حدسي يطمئنني لستُ حامل، لستُ حامل لا يمكن أن تكوني حامل.... عقلي يحسب ويضرب  ويطرح....لا يمكن أن أكون حاملا.

أعود إلى وجهي لأبحث عن أي بثرة، حبّة، عن أي شحوب يهدّأ روعي... يا آلام ظهري إستيقظي...!!

لا دليل لا إشارة هو فقط جسدي يريد أن يحبل من نفسه....
الطبيعة تريدني أن أحبل....
قرأت أن ذكر السلحفاة، يعمل ما بوسعه لإستميال السلحفاة الأنثى وإن لم يصل شهوته، يكتئب حتى يموت...

بقيت أفكّر فى السلحفاة الأنثى، ماذا لو لم تصطد السلحفاة الانثى الذكر الذى تريده ؟ ماذا لو لم تصل شهوتها؟ أرادت الإنجاب ولم تستطع ؟
هل تكتئب حتى تموت ؟ أم تستمر لأجل وظيفة البقاء...
بحثت عن الإجابة ولم أجد أي شهادة لسلحفاة سابقة.....
جسمي يريد أن يحبل....
والمجتمع يريد أن لا أحبل إلا بعقد زواج..
وعقد الزواج يحتاج رجل، رجلا يقترح الزواج مني، ورجلا  يوافق أن يزوجني إياه ورجلا أخر يختم العقد.

وأنا أتفرّج عليهم جميعا.. الذكر والقطيع  والطبيعة التي توشوش في جيناتي 

وأشعل سيجارة كأن الأمر لا يعنيني..
الحقيقة إننى مت ّ فى وقت سابق ولكنها غريزة البقاء تريد أن أبقى لأجل سبب لا أعرفه.. والحقيقة أنني أريد أن أمضي حياة هادئة بلا أي صراع ولا أريد أن ألعب لعبة الإستمرار.... حتّى الجنس المحكوم بالحاجة للإنجاب صار مملا...والجنس المحكوم بشرط اللاإنجاب صار مهينا.
والحياة كلّها التي لا سلطة لي عليها صارت بلا معنى.

كنت أحتاج أن ألد مجددا، لاتواصل مع الحياة.. وأنجبت.
هكذا قالت السيدة الحكيمة.. ببساطة الماء.
أنا أعقل من أن أفعل هذا وأستجيب لحرب البيولوجيا، هكذا فكّرت.

الرجال غير قادرين على التفكير بأنفسهم، تقول السيدة الحكيمة، إناث -البشر هنّ من يعددن العشّ وينصبن الفخاخ..
أي خلل أصاب أنوثتي، حتّى لا أصبر على إعداد العش والفخ..

أي رغبة آثمة بإضرام النار في الغابة؟

يمكن للقطيع أن يتطوّر، إذا أراد جسمك طفلا فليكن..
تقول السيّدة الحكيمة.
أنا إنسان، تجيب علويّتي.. لن أستسلم لنداء رحم، لن أتحوّل إلى أنثى تتصيّد حيوان ذكر، لن أعدّ أي عش.. أنا إنسان  وأفكّر أن الحياة تستحقّ ذاتها، بلا إستمرار..
أصرخ في جسدي : أنا إنسان أيها الحقير، سأخصيك !

تأملت وجهي بإمعان، أتصيّد أي أثر للعاصفة القادمة.
لا أثر....
حدسي يهمس، أنتِ لست حامل.
أبتسم.
عقلي يحسب بهدوء ويجيب، لست حامل.
ذهني يمتلئ بصور سعيدة، أبتسم.
أنا لست حامل. ساقاي تحملانني غصبا إلى الصيدليّة

ضد العقل والحدس والحساب....أجرى الفحص..... لست حامل لا يمكن أن أكون...
هل جننت ؟؟
تحترق صور في رأسي، صور لنساء كثيرات، سحبتهن الطبيعة إلى ذات الفخ. حيث ردمن.. بينما قدمى، يسحبها الرمل..

Ons Bn Essayed

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الخوف

نرفين

الدين على سجيتي