نقص الحب

هذه الهرسلة اللطيفة السامة التى إسمها نقص الحب، سأوجهها لرجل مسكين، أعرف أنه مسكين، أهرسه بكل عنف الفقد داخلي وشهوة الإكتمال، وأنا أعتذر له عن كونه مسكين  ومفعول به، وأحرّضه سرّا ليتحرر....

 يشبه الأمر أن أضرب شخصا بيد وأحثّه أن يهرب أو يردّ الضرب بيد أخرى...  ويتواصل العنف..

أراقب نفسي مخبر التجارب، وتبهرني ما آلت إليه أنوثتي الدامية....
 كلّ هذا داخلي وسأعيش به ولا سبيل لمواجهته إلا بلعبة التقيّء التي إسمها كتابة....

في مساءات حميمية تاكد أن تكون مكتئبة ، لا يحمل الشتاء أي لقاح ممكن، كأس بويضاتي يخز جلدي بغضب، ليفكّرني أنني فشلت في تلقيح بويضة، ربّما للمرة المائتين وثلاث وأربعين على التوالي......

هناك من يضحك من دقّتي، كثيرات تعرفن أي دقّة مهووسة لهذا الجسد العجيب الذي لا يعرف النسيان، أي لعنة مثيرة للسخط والجنون أنه لا يعرف النسيان.....

تقول دراسة أن المرأة تسجّل الجينات الوراثيّة لكل من عاشرتهم، أنّ جودة جيناتها التي تنقلها لأطفالها مرتبطة بمدى سعادتها وتحقّقها، أن المحضوضين هم أبناء السيدات السعيدات اللاتي تعرفن صيد السعادة لأجل أبنائهن.... أن يجب ربما أن أتجاوز نفسي لأجل سعادة خصبة...

أسدّ أذني، لا أريد أن أعرف المزيد، بقليل من الذعر يستبق وعيي ما تفعله هذه الآلة المتطوّرة جدّا المبرمجة بعناية بمصير فتاة بسيطة وريفيّة حالمة لا تريد من العالم سوى ذاتها.

هذه الآلة التي يرى البعض أن ربّما من الأفضل أن تكبح بحبل....
أتأمّل جسدي الآلة نصف مبهورة، مكوّك فضائي مشدود بحبل إلى شجرة، شجرة تهتز بألوان الكواكب البعيدة ويستغفر العابرون ربّهم لكل الزلازل....

أحب أن أتعلّم سياقة جسدي وأروّضه النسيان، وأروّضه الهدوء وأعلّمه الحب اللامشروط...

أحبّ لو يتوقف جسدي عن جعلي حيوانة
ربّما لو أعتليته بشكل مناسب، لتوقّفت إنذارات البويضات كل شهر وهدأت عواصف الصيد ومنولوجات التأثيم  والكذب.
ربّما توقف سيل العنف المدمّر داخلي  وتعلّمت كيف ببساطة الشمس حين تشرق، أستقبل الحب.

أحبّ أن يهدأ جسدي بين يديّ عجينة طيّعة، ويتوقف عن التحكم بإرادتي، ربّما أقرر بثقة كاملة، أنا سعيدة بحريّتي، مرتاحة بأنانيّتى لا شئ أروع من أن أتطابق مع أنوثتي حرّة من أي حمل....

ربّما أتحرر من هوسي بالتحرر وأستسلم لسلطويّتي الدفينة، أحب أن أتخلّص من بعض نفسي في كائن لا يقدر على الهرب، ولن يقدر على الهرب.
اتأمّل حبيبي بغضب مشفق، لم لا ترحل ؟؟

كل الأسباب التي أفتعلها لرحيله المؤجّل لا تقنعه بعد، لا أعرف كيف أخبره، لا يكون الحبّ خالصا من هذا الهوس اللعين إلا بالرحيل أو الإخصاء...

هل أملك القدرة لأخصي نفسي كي أكون إمرأة كاملة، كي أكون حبيبة صادقة؟ كيف أكون أمّا بعدها ؟؟
هل أحتمل نقصي؟ كيف أعيش بلا سعي للإكتمال ؟

لا أريد أن أكون أمّا يا رب الطبيعة، وأريد لعواصف جسدي أن تهدأ...
هل يستحق طفل واحد هذا التاريخ من الألم ؟؟
كيف يحمل طفل واحد هذا الإرث الثقيل من الشهوة المتقاطعة، كل هذا التمزّق، كل هذا الألم.

أريد أن أخصي نفسي لأكون إمرأة ثم حين أملّ نفسي أنتفي وأصبح أمّا.
لا أحتمل التمازج المشوّه للأدوار، كوني إبنة وطفلة وأم....
وأنا مجرّد إمرأة، كثيرة بعض الشئ ولا أعرف كيف ألملم نفسي.

لا أحتمل الكذب الذي يفوح منّي دون أن أنتبه، والوعود المغرضة التي لا تمثّلني،  وهذا العنف الرهيب المتنكّر بإسم الحب.

يهتف أحدهم فى رأسي: مهووسة بالسيطرة، متكبّرة!
متكبّرة على حيوانيتي المثيرة للحنان، المثيرة للقرف.
مهووسة بالسيطرة لأنى أرغب أن أقطع الألم الذي ينهشني ولا أبتسم للطبيعة في صبر مزيّف.
مجنونة أن أحلم بهذا الحب الصافي الذي لا تتداخل فيه الأشباح والغرائز  والتكتيكات القديمة للبقاء أو التكتيكات القديمة المحدّثة.

أقتل نفسي وأقتل من أحبّهم في وداع طويل، ولن أتحوّل إلى إمرأة الكهف التي تصطاد رجلا له كل الذنوب، لتغتصب طفلا طفلا أوّجه نحوه سمومي اللطيفة دون أن يقوى على الهرب....

هذه الهرسلة اللطيفة السامة التي إسمها نقص الحب، سأوجهها لرجل مسكين اعرف أنه مسكين، أهرسه بكل عنف الفقد وشهوة الإكتمال داخلي ويرتاح ضميري أن بكل الأحوال يملك حق الرفض ويقدر على الهرب.....

Ons Bn Essayed

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إرتجاج في المخ

لأجل أمي

الخوف