الطفل "ك"

السيدة "س" تسكن في المنزل الأرضي  رقم خمسة بشارع الهادي نويرة..
السيدة "ن" جارتها التي تشتكي تصرفاتها كل يوم ...

الجميل في هذا الحي أنك تظن لوهلة أنه من أهدأ الأحياء التي تدخلها يوما وهذا ما خُيل لي لكن ما أن تسكنه سترى العكس تماما يسكن السيد "م" الطابق الثاني  وهو والد السيدة "س"

السيد "م" والسيدة "س" على خصام دائم وعلى صراخ معظم الوقت ..يملك السيد "م" موتور صغير، الجميل فيه أن مع أول دخوله للحي يبعث صوت زمور وكأنه يقول للحي ها قد وصلت فليعلم الجميع ومع ركنته للموتور ينادي السيدة "س" بأكثر من مرة وبصوت عالٍ تتعمد السيدة "س" عدم إجابته كأنه تقول ليرفرف إسمي في هذا الحي البائس ...

السيدة "ن" و السيد "ح" متحابان منذ خمسة سنوات، تعرفا على بعضهما البعض في إحدى الأمسيات الصيفيّة ببنغلادش وقررا منذ ذلك الحين أن يعيشا معا..

كل صباح يستيقظ السيد "ح"مع الساعة السادسة صباحا، يقرأ الصحف ويشرب قهوته وينطلق إلى منزل السيدة "ن"
يفتح الباب لأجل أن تخرج القطّة إلى الحديقة، يفتح النافذة بالصالون، ثم يصعد إلى غرفة السيدة "ن"، يجدها سارحة في حلمها، رائحة السيد "ح" تغمرها كما أشعة الشمس المتدفقة من النافذة، تعانقها، تمسح على شعرها  وشفاهها ثم تسلمها إلى النوم مرّة أخرى.

السيدة "ن"، تعمل مديرة برواق الفنون.
السيد "ح" يدير شركة تصدير عالمية.
السيد "ح" يدير شؤون بيته، السيدة "ن" تدير شؤون بيتها.
السيدة "ن" والسيد "ح" يحبان الفسحات الطويلة في الغابة
والإستماع إلى الموسيقى الإيقاعية وممارسة الجنس.

السيدة "ن"مريضة بمرض غريب يجعلها تشعر بالحزن كلما إكتمل القمر. السيد "ح" يتجنب زيارتها كلما إكتمل القمر.

السيد "ح" يحتاج إلى متابعة لصيقة لغذائه ودوائه، ممرضة مدفوعة الأجر تقوم بذلك.... السيدة "ن" تسألها عن أحواله كل حين.

في الأمسيات الدافئة، حين يبدو كل شئ هادئا وناعما، يدعو السيد "ح" السيدة "ن" لتنام ببيته. يحدث أن تدعوه للعشاء ببيتها لأجل إستفزاز دعوته.. حين تصيبها الدورة ترسل السيدة "ن" إلى السيد "ح" رسالة قصيرة حتى لا يزورها بالصباح  ويزعج نومها المضطرب أو ينزعج برائحة جسمها الغريبة.
حين يصاب بالبرد، يرسل السيد "ح"رسالة قصيرة إلى السيدة "ن" حتى لا تزوره  وتصيبها العدوى.

الجميع في الحي يعتقد أن السيد "ح"  والسيدة "ن" مطلقان صديقان.. الجميع يتبادل الاشاعات بشأن تجدد علاقتهما. السيد "ح" يواجه هذه الاقاوييل بالإبتسام كما تفعل السيدة "ن"

الأصدقاء المقربون يعرفون أن السيدة "ن" لا تحب الإلتزام، أن السيد "ح" لا يحبّ الضجيج، لهذا لا يطرح أحد السؤال بشأن الأطفال..
حين يفلت سؤال عن هذا الموضوع يكتفى الحبيبان بالإبتسام.

السيد "ح" والسيدة "ن" يتخاصمان ككل الأحبة، ولا يتجدلان، لم يسمع لنقاشهما صوت، لم تفلت منهما شكوى.
السيد "ح"والسيدة "ن" عاقلان....

الكلّ يحبّ السيدة "ن"، الجميع يحترم السيد "ح".

حين وجدا مقتولين بطلق الرصاص فى غرفة السيدة "ن"، كان المسدس يحمل بصميتهما معا.. لم يستطع القاضي، رغم الإستماع إلى كل الشهود من تحديد هويّة القاتل المنتحر بينهما.
وبرغم شياع قضية القتل، بقي السؤال المحير في الحيّ
هل تزوج الحبيبان مجددا أم لا ؟؟

و السيدة "س" والسيد "م" يظلاني طوال الوقت على خصام وصوت صراخ قاتل ...
أم الطفل الصغير "ك" إبن السيدة "س" يظل يبتسم ويضحك لكل مارٍ بالحي وكأنه يقول أسف لصراخ أمي وجدي ....
Ons Bn Essayed

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إرتجاج في المخ

لأجل أمي

الخوف