ولدتُ في الريف
وُلدت في الرّيف وهذا لا يعني شيئا , فقد كنتُ أتعطّر بعطر أمي الذي تخبأه من وقت زواجها ....طبعا كنتُ أضع كرسي أصعده لأصل لمكان العطر ..
قبل أن أخرج للّعب مع أترابي, وحين تهطل أمطار الشّتاء الغزيرة ويوحل مسلك بيتنا الصّغير , كنتُ أرفض رفضا قطعيّا إرتداء حذاء مطاطيّ قبل الخروج إلى المدرسة وكنت أرفض رفضا قطعيا أن أخرج بدون أن تعمل أمي ظفيرة لشعري تضع أخره عقدة شعري البيضاء وعادتا ما تكون على شكل فراولة...
المدرسة تبعد خمسين مترا فقط عن منزلنا , في الحقيقة, حتّى لو كانت تبعد آلاف الأمتار, فأنا لا يمكن لي إلّا أن أرتدي حذائي الذي أتعمد أن يبقى جديدا مدى الدهر يقظة بما يكفي كي أحاذر الأوحال....
كنت ومازالت أرى صورتي عن نفسي عظيمة بما يكفي كي أكون دائمة الأناقة والأنفة ولذلك فإنّ العقاب لا ينفع معي ولا يمكن لك سوى أن تستسلم أمامي في النّهاية سواء كنتَ أبي أو كنت أمّي أو كنت السفّاح الذّي يخطف الأطفال غير المطيعين ، ولدت في الريف وأمّي كانت تسمّيني الشخصيّة, فهل تحتجّ ؟..
في المدرسة لا يمكنك أن تتعمّد إحباطي فأنا طفلة فطنة ومؤدّبة وعليك أن تحترم ذلك , إن أردت كسر أنفي بسبب أنّني متكبّرة أكثر من اللازم وأنّك أنت هو السيد الذي يجب أن يرضخ له الجميع في النّهاية على حدّ سواء فإنّك تخسر لا محالة لأنّني سأغيب مدّة أسبوع كامل عن المدرسة ولأنّ أبي عليه أن يثأر لي في نهاية الأمر كلّفه ذلك ما كلّفه...
في النّهاية سوف تكون حذرا معي غصبا عن أنفك في المرات القادمة وتحسب لي الحساب الذّي أستحقّه ...
في الصّيف أرعى الأغنام , أغنامنا بطبيعة الحال، وهذا لا يعني أبدا أنّني راعية بل أميرة في نزهة, وسط الحقول ورائحة الأعشاب والأزهار البريّة والينابيع الصّغيرة....
إن عاملتني بإعتباري راعية فهذا يعني أنّك أحمق لا تقدّر العواقب , سيكلّفك ذلك تشريد الأغنام والعداوة إلى المنزل وحيدا وفي أعتى درجات اللامبالاة , وأنت عليك أن تعتذر في النّهاية بعد أن يكون عقابك لي غير مجد بالمرّة ..
ولدت في الريف وهدايا الحب كانت بالنّسبة لي باقات قرنفل وقصائد غزل منتقاة بهوس كبير ثم مرسلة في هالة كبيرة...
ولدت في الريف بحساسية مفرطة ولم يكن لي أي علاقة تذكر بغلاظة القلب أو القسوة , العالم كان يعني لي شيئا واحد لا غير هو الأناقة،أناقة الفكر وأناقة الضحك ودوام الإبتسامة مع أنني لا أملك مضحكا جميلا فأسناني كانت فوق بعضها كأن كل واحدة تعانق حبيبا لها تخاف تركه ومع هذا أضحك كثيرا أضحك إلى أن يصير صوت الضحكة معلنا للجميع ....
فمن أين يأتون بكل هذه الكليشيهات ؟؟ لم أعرف الغلاظة والقسوة إلا في المدن والعواصم ، حين يكون من الواجب عليك أن تنكمش على نفسك بأقصى ما تملك من قدرة على الانكماش كي لا يسرقوا محفظة نقودك ، كي لا يعنّفوك أو يُأثّموك أو يحتالوا عليك أو كي لا يتفاخر ويتبجّح أمامك أولاد البشوات وبناتهم ، من هذا الأحمق الذي ربط داخل أذهان الناس الريف بالغلاظة والجلافة ؟؟ من يكون هذا؟ ومن يكونوا هؤلاء الذين صدقوهم؟؟؟
Ons Bn Essayed
قبل أن أخرج للّعب مع أترابي, وحين تهطل أمطار الشّتاء الغزيرة ويوحل مسلك بيتنا الصّغير , كنتُ أرفض رفضا قطعيّا إرتداء حذاء مطاطيّ قبل الخروج إلى المدرسة وكنت أرفض رفضا قطعيا أن أخرج بدون أن تعمل أمي ظفيرة لشعري تضع أخره عقدة شعري البيضاء وعادتا ما تكون على شكل فراولة...
المدرسة تبعد خمسين مترا فقط عن منزلنا , في الحقيقة, حتّى لو كانت تبعد آلاف الأمتار, فأنا لا يمكن لي إلّا أن أرتدي حذائي الذي أتعمد أن يبقى جديدا مدى الدهر يقظة بما يكفي كي أحاذر الأوحال....
كنت ومازالت أرى صورتي عن نفسي عظيمة بما يكفي كي أكون دائمة الأناقة والأنفة ولذلك فإنّ العقاب لا ينفع معي ولا يمكن لك سوى أن تستسلم أمامي في النّهاية سواء كنتَ أبي أو كنت أمّي أو كنت السفّاح الذّي يخطف الأطفال غير المطيعين ، ولدت في الريف وأمّي كانت تسمّيني الشخصيّة, فهل تحتجّ ؟..
في المدرسة لا يمكنك أن تتعمّد إحباطي فأنا طفلة فطنة ومؤدّبة وعليك أن تحترم ذلك , إن أردت كسر أنفي بسبب أنّني متكبّرة أكثر من اللازم وأنّك أنت هو السيد الذي يجب أن يرضخ له الجميع في النّهاية على حدّ سواء فإنّك تخسر لا محالة لأنّني سأغيب مدّة أسبوع كامل عن المدرسة ولأنّ أبي عليه أن يثأر لي في نهاية الأمر كلّفه ذلك ما كلّفه...
في النّهاية سوف تكون حذرا معي غصبا عن أنفك في المرات القادمة وتحسب لي الحساب الذّي أستحقّه ...
في الصّيف أرعى الأغنام , أغنامنا بطبيعة الحال، وهذا لا يعني أبدا أنّني راعية بل أميرة في نزهة, وسط الحقول ورائحة الأعشاب والأزهار البريّة والينابيع الصّغيرة....
إن عاملتني بإعتباري راعية فهذا يعني أنّك أحمق لا تقدّر العواقب , سيكلّفك ذلك تشريد الأغنام والعداوة إلى المنزل وحيدا وفي أعتى درجات اللامبالاة , وأنت عليك أن تعتذر في النّهاية بعد أن يكون عقابك لي غير مجد بالمرّة ..
ولدت في الريف وهدايا الحب كانت بالنّسبة لي باقات قرنفل وقصائد غزل منتقاة بهوس كبير ثم مرسلة في هالة كبيرة...
ولدت في الريف بحساسية مفرطة ولم يكن لي أي علاقة تذكر بغلاظة القلب أو القسوة , العالم كان يعني لي شيئا واحد لا غير هو الأناقة،أناقة الفكر وأناقة الضحك ودوام الإبتسامة مع أنني لا أملك مضحكا جميلا فأسناني كانت فوق بعضها كأن كل واحدة تعانق حبيبا لها تخاف تركه ومع هذا أضحك كثيرا أضحك إلى أن يصير صوت الضحكة معلنا للجميع ....
فمن أين يأتون بكل هذه الكليشيهات ؟؟ لم أعرف الغلاظة والقسوة إلا في المدن والعواصم ، حين يكون من الواجب عليك أن تنكمش على نفسك بأقصى ما تملك من قدرة على الانكماش كي لا يسرقوا محفظة نقودك ، كي لا يعنّفوك أو يُأثّموك أو يحتالوا عليك أو كي لا يتفاخر ويتبجّح أمامك أولاد البشوات وبناتهم ، من هذا الأحمق الذي ربط داخل أذهان الناس الريف بالغلاظة والجلافة ؟؟ من يكون هذا؟ ومن يكونوا هؤلاء الذين صدقوهم؟؟؟
Ons Bn Essayed
تعليقات
إرسال تعليق