تكرار ولادتي

في مطبخنا فنجان مكسور الأذن، كلما جئت أشرب أخذته دون قصد ، يدي تحمله دون أن أختار حتى هكذا كل القلوب التي حضنتها  ..
كلما أحببت قلبا كان مكسور الأذن أو مكسور الخاطر ، بشُعر مُمتد ليُكسر بضغطة يد أو ضغطة حنين لمن سبقني وجاء "أولا "
أما انا فكنت دائما آتي الثالثة
المولودة الثالثة
الرفيقة الثالثة
الحبيبة الثالثة
إنتقيت أصدقائي أيضا من أصحاب المراكز الثالثة و لكن ما أن ألتفت لا أجد أحدا منهم ...فأنا إخترتهم من ذوي الحظ القليل ، البيوت المائلة ،ممن يعانون ضعف النظر وضعف الذاكرة، ضعف القناعة بأن كل شيء سيصبح أفضل
أصدقائي يختفون بعد العاشرة دون أن يلحظهم أحد.
أختفي معهم دون أن يلحظنا أحد
نبكي سوية ونهمس سوية نشتم ، نضحك
نميل على بعضنا حتى ننكسر ويميل البلد علينا
لنختفي بعد العاشرة...
ومع ذلك كله ذات صيف يا جهاد خطر لي إعادة ترتيب الفوضى وأن أكنس غبار الحرب من عقلي وأعيد تكرار ولادتي لمرة أخرى لكنهم قالوا لي أن إعادة ولادة إمرأة تحتاج لمخاض عشق تنمو فيه في شرايين رجل يعشقها وهكذا ولدت ياصديقي طفلة عشق لاتغادر السعادة مضجعها لم يبدو عليه أي تشوه خلقي حتى تجاوزت سن الحبو على صدره وبدأت أتعلم الوقوف على قدمي وفي أول محاولة للمشي بدأت أعراض وراثة كنت قد أهملتها كانت الجثث مازالت تملىء رأسي وكأنها لم تبارح أماكنها وعويل أمهاتهم مازال يوقظني في كل محاولة لغيبوبة اللعنة مازلت أستيقظ ومخدتي باردة من دموع لم يتوقفوا لحظة عن ذرفها قد صار سريري مدفنا وجامعا وكنيسة وقناصات وعبوات متفجرة
هل تدرك يا  صديقي كيف تجهض نساؤنا أحلامها.
في الحرب نحن نكرر الموت فقط ونسخر من جبروته بأحلامنا ...
Ons Bn Essayed

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إرتجاج في المخ

لأجل أمي

الخوف