سرقة

ضاقت صدورنا بكل شيء..إلا النميمة و الحقد..هناك متسع لهما دائما....
يذكرنا مارك دوما..ودون أن يستشير أحزاننا..بما حدث فى مثل هذا اليوم..منذ سنة..سنتان..
منذ عمر حاولنا جاهدا دفنه تحت سور عالى من اللامبالاة  والتناسي..ما نحن إلا أشخاص عاديون جدا..

تماما مثل "مارك" كان لنا دوما حياة عادية جدا..تبدأ بالصلاة.. وتنتهى بالدعاء أخر اليل...
يحفظون الشعر الذى لم يكتبوه..ليعلقوه مكان القرط فى أذن حبيبة الصبا..ذاك الذى لم يمتلكو يوما ثمن شراءه وأذكر منهم أخي....
كانت لنا فعلا حياة عادية..عادية جدا..كنا فيها سعداء أن البطل ينتصر فى النهاية..وأن "زورو" لن يموت هذه المرة أيضا..وأن الساعات التى رسمناها على معاصمنا..ستشير حتما لتوقيت الأكل..فى عرس الجيران....كانت حياة عادية..أحببنا فيها بغباء لذيذ..جد لذيذ..

أذكر أن أول حب لي كان لمعلمي كنت في السادسة من عمري
ولليوم كلما صادفته تنتابوني نوبة ضحك.... ما علينا في هذا كله ......
فعلاً كانت لنا حياة
نتصور فيها أحبائنا.. سرنا الصغير نخبأه مع الحلوى تحت وساداتنا البالية..ونتفقده كل دقيقة..تصورنا العالم أرخص من رسالة حب طفولي..بين صفحات كراس الجغرافيا..

كانت لنا فعلا..حياة عادية..لكن أشخاص عاديين..مثل "مارك" سرقوها منا..وسرقوا أحبائنا ..والحلوى..البعض تبرع بحياتنا العادية..لأحد جامعي النذالة..الأخر إختار أن يبيعها فى سوق الوصوليين..
وإحداهن سقطت منها حياتها العادية..ودمعتها..حين صعدت الكرسي الخلفي لسيارة إبن العز..
الأخرى..كانت لا تستحقها منذ البداية..
المهم أنهم سرقوا منا كل شي.. وقدموا كل ما نحن عليه..قدموا لنا حياة مميزة ومجنونة..يملأها الضجيج والشتائم..نعيشها بالأضافر والنباح..نشحد فيها أنيابنا كل صباح..و نبصق فى وجه السماء أخر الليل..
نسينا عرس الجار ولم تعد تعنينا جنازته..وضاع البطل بين بارات العاصمة وأزقتها الخلفية لبعض الرفاق..ونحاول أن ننسى كم كانت حياتنا عادية..ولذيذة..لكن "مارك" لا يفهم..لا يفهم أننا تغيرنا..يستمتع بجمع كل الذكريات..ويرميها فى وجوهنا كما الشتائم بلا شفقة...هكذا كنت منذ سنة..هذا ما كتبت منذ سنتان..منذ ستة..وكأنه يتلذذ نشر الملح فى كل مكان..كأنه لا يعلم أننا لم نعد عاديين..وأن الحياة لم تعد لذيذة....

و هاهو يظل يذكر أصدقائنا بأعياد ميلادنا مع أننا ننتظر أن يتذكروها بأنفسهم هاهم ينسون و يعملون على "مارك" لتذكيرهم...
آااااه يا "مارك" سرقت الغالي والنفيس يا "مارك" ماذا عسايا أقول....وقد زدت فوق السرقة موت لأرواحنا فقد جعلت من الحب البعيد ممكنا كم أكرهك وأكره ما تبتكره و ما تفعله بعالمنا....
أكرهك فعلاً.

Ons bn Essayed

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إرتجاج في المخ

لأجل أمي

الخوف