وحي الحب

تقول أمي أنّ الحُب هو قبعة أبي التي تأتي محملة كل مساء بنوع من أنواع الغلال التي يأتي بها كل موسم من مواسم الغلال وتقول أيضاً أنه الوسن اللّذيذ على إيقاع أبي وهو يستعرص لها تفوقه في ذلك اليوم على كل مصلحي الميكانيك في القرية لإصلاح سيارة رجل هَرمة ..
 وتقول جدتي أنّه طبقُ "الكسكسي التونسي " البارع في الإتقان الذي يلتَهمه الزّوج فتزغرد حواسه طربا وإحتفاء، وهو ذلك القَميص المحاك بحب ليقيه برد الشتاء ..

 وقالت لي صديقة زاهدة أنّه صّلاة في آخر اللّيل يؤمها رجل من بقية الزُهاد الباقية ، يلثُم الأرض سُجودًا وشكرًا لأنّك له ..

 وتقول لي أخرى بنت تناقلتها أهواء الصّبابة وجنون الحياة أنّ الحُب وسوسة المَحظورات ، فما الحب إلا لقاء خفي و قبلة مَسروقة ووعود منحوتة أسفل شجر الصنوبر تنتهي بإرتداء أحد الأبيضين عرس أو كفن !
 وتقول إحدى رفيقات القلم أنّ الحب خاطرة مضيئة تسرق قلب المحبوب وتسلب عمقه وتأتي بعروش قلبه مسلما ..

وتقول شاعِرة ما الحبّ إلا قصيدة عشق يتيمة لم تلد ولن تولد فهي إنفراد بالمعنى وسحر بالمبنى ..
ومع كل ذلك قالت لي خاطر في القلب :
أنّ الحُب جذبٌ وجفَاء ، وجوبٌ وانتفَاء ، امتناعٌ وعطَاء ، قَحطٌ واجتناء ، نكرانٌ واحتفَاء ، زهدٌ واشتهاء  و رَهبةٌ ورغبة .
 
في الحبِ يغيب العقل ويحضر فقه القلب ، فالحب أقرب صورة للإيمان وأبعد سبيل عن العقل ، الحبُ هو ذلك الغيث الملائكي و النزق الشّيطاني ، مزيجٌ من التناقض في جوف واحِد ، وروح الثّورة في سماء السّلام ..
Ons Bn Essayed

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الخوف

نرفين

الدين على سجيتي