الخوف
أحب أن أتوقف عند ال"خوف".
إحساسا، تجربة، ثقافة وهوية.
الحقيقة أنه موضوعي المفضل، صديقي الأبدي....
الخوف إسمي الحقيقي في بطاقة التعريف وأخاف أن أصرح به....
إن كان من الممكن تحديد الأحاسيس بشكل هرمي، لكان الخوف على القمة
لا لا ليست القمة، لكان الخوف الطبقة الأولى لأي إحساس آخر؛ لا أذكر أنني شعرت بأي إحساس على الإطلاق ولم يكن الخوف قاعدته الأولى الصلبة الثابتة الموازية، التي إن فارت إمتزجت به حتى غلبت عليه ومات بإسمه الذي يسري في عروقي ككريات سوداء، هي فصيلة دم الكائنات التي لم تتغذى بإحترام ذاتها والثقة بقدرتها...
من أين أصابني كل هذا الخوف ؟؟
هل هو نتاج نظام سياسي شمولي ديكتاتوري ؟؟
هل هو نتاج تربية محافضة ؟؟
هل كنت أخاف بن علي؟
حزب الدستور ؟؟ النهضة، داعش، الإمبريالية ؟؟
لم أخف إلا الأشباح!
الأشباح التي تعيش معي ولا أصطادها.
لم يحدث أن خفت مما أعرفه، لطالما إقترن الخوف بذهني: بالمجهول، بالجهل، بأن لا أعرف....
بالوحدة، بأن أعزل عن الآخر، أن لا نتواصل...
بالحدود والقمع، بأن ينتهي جموح إنسانيتي عند حد مرسوم.
بالفشل، بالصوت الذي يكرر لا يمكنك!
الخوف كان الصوت الخفيف الذي يهمس في أذني ولا أعرف مصدره.
كان الطرق العنيف على الباب، بساعة متأخرة.
كان حرشكة كائن بثيابي.
أن تعاقبني أمي بالسجن في غرفتي.
أن لا تجيبني، أن لا تحبني، أن لا أعرف كيف أخبرها أنني أحبها...
أن لا أستطيع حمايتها أن لا أعرف كيف أضحكها حين تبكي أن أعرف أنها ستموت وأن لا شئ أفعله حيال ذلك.
الخوف هو العجز أن لا تقدر.
الظلام الذي تفقد به القدرة على الرؤية.
الامتزاج الذي تفقد به القدرة على التمييز.
الخلط، التعويم، التماهي، الذي تفقد به القدرة على الفهم والتسامح والتجاوز.
الضجة الصاخبة وحدة الصمت.
الضباب الكامل الذي يفقدك القدرة على التوجه.
أن تتساوى الأشياء والألوان والمفردات ويصبح العالم صورة واحدة ثابتة لا تعرف كيف تكسرها...
وتغرق بصحراء سوداء: العدم!
الخوف أن تفقد القدرة على التواصل مع ذاتك:
أن تضيع ملامحك منك وتفقد القدرة على التعريف بنفسك.
أن تصاب فردانيتك وتعكر إنسانيتك الخالصة.
أن تزدحم لأي سبب وتعطل مستقبلاتك الحسية وتفقد القدرة على التواصل مع الآخر...
القدرة أن تراه بعينك الخالصة وتميزه بحسك وتخوض تجربة التعرف عليه.
هناك من يخاف الفوضى، العنف، الفقر.
يخاف القطار حين يتجه نحوه صارخا.
خوفي آخر.
ليس مرتبطا بالسلطة وممثليها، ولا بتوزيع الأدوار ولا بالقدرة على الإدارة والتنظيم والحوكمة.
خوف متعلق
أساسا بالحياة كقيمة مطلقة، الوجود ككينونة مستقلة، ديناميكية ومتفردة في فضاء مفتوح، المعرفة كحق وممارسة، التواصل طبيعة وإكتسابا
والحب فطرة و تمرينا.
لا أخاف معركة السلطة ولا الحرب القادمة، أخاف الحرب التي نعيشها وعدم القدرة على الجزم بأنها حرب.
عدم الإعلان عنها وعدم الفهم حرب من ضد من.
وماذا في مواجهة ماذا.
لا أخاف أن أموت.
أخاف أن لا تعرف أمي من أنا ؟ وأين دفنت؟
أخاف أن يطول بعدُ المسافات فيضعف جسدي ويضعف نظري أكثر
أنا الصغيرة الهزيلة أخاف أن لا يكتمل شملنا...
أن لا أعرف أي يد إمتدت لقتلي؟
أخاف أن أقبّل رجلا ويغدرني.
أن أجرح رجلا أحبّه.
أن يفسد حدسي، ولا أعرف الحب.
أخاف أن أفقد القدرة على الكينونة وإعمال العقل والتمييز والحكم وإبداء الرأي بثقة وإحترام.
أخاف أن لا أجرأ أبدا على أي خطوة.
أن لا آكل غلالا نضرة لأنها "قد" تكون سامة و"قد" تكون شهيّة، أن لا أتعلم أبدا الإختيار والمسؤوليّة.
أن لا أتعلم السباحة فأغرق
لا أخاف الفوضى ولا أخاف شرمذة عجزة، سيقبض الموت أرواحهم في نفخة شتاء واحدة...
أخاف أن لا أكون نجوت من ثقافة الخوف وأتواصل ال"خائفة".
Ons Bn Essayed
إحساسا، تجربة، ثقافة وهوية.
الحقيقة أنه موضوعي المفضل، صديقي الأبدي....
الخوف إسمي الحقيقي في بطاقة التعريف وأخاف أن أصرح به....
إن كان من الممكن تحديد الأحاسيس بشكل هرمي، لكان الخوف على القمة
لا لا ليست القمة، لكان الخوف الطبقة الأولى لأي إحساس آخر؛ لا أذكر أنني شعرت بأي إحساس على الإطلاق ولم يكن الخوف قاعدته الأولى الصلبة الثابتة الموازية، التي إن فارت إمتزجت به حتى غلبت عليه ومات بإسمه الذي يسري في عروقي ككريات سوداء، هي فصيلة دم الكائنات التي لم تتغذى بإحترام ذاتها والثقة بقدرتها...
من أين أصابني كل هذا الخوف ؟؟
هل هو نتاج نظام سياسي شمولي ديكتاتوري ؟؟
هل هو نتاج تربية محافضة ؟؟
هل كنت أخاف بن علي؟
حزب الدستور ؟؟ النهضة، داعش، الإمبريالية ؟؟
لم أخف إلا الأشباح!
الأشباح التي تعيش معي ولا أصطادها.
لم يحدث أن خفت مما أعرفه، لطالما إقترن الخوف بذهني: بالمجهول، بالجهل، بأن لا أعرف....
بالوحدة، بأن أعزل عن الآخر، أن لا نتواصل...
بالحدود والقمع، بأن ينتهي جموح إنسانيتي عند حد مرسوم.
بالفشل، بالصوت الذي يكرر لا يمكنك!
الخوف كان الصوت الخفيف الذي يهمس في أذني ولا أعرف مصدره.
كان الطرق العنيف على الباب، بساعة متأخرة.
كان حرشكة كائن بثيابي.
أن تعاقبني أمي بالسجن في غرفتي.
أن لا تجيبني، أن لا تحبني، أن لا أعرف كيف أخبرها أنني أحبها...
أن لا أستطيع حمايتها أن لا أعرف كيف أضحكها حين تبكي أن أعرف أنها ستموت وأن لا شئ أفعله حيال ذلك.
الخوف هو العجز أن لا تقدر.
الظلام الذي تفقد به القدرة على الرؤية.
الامتزاج الذي تفقد به القدرة على التمييز.
الخلط، التعويم، التماهي، الذي تفقد به القدرة على الفهم والتسامح والتجاوز.
الضجة الصاخبة وحدة الصمت.
الضباب الكامل الذي يفقدك القدرة على التوجه.
أن تتساوى الأشياء والألوان والمفردات ويصبح العالم صورة واحدة ثابتة لا تعرف كيف تكسرها...
وتغرق بصحراء سوداء: العدم!
الخوف أن تفقد القدرة على التواصل مع ذاتك:
أن تضيع ملامحك منك وتفقد القدرة على التعريف بنفسك.
أن تصاب فردانيتك وتعكر إنسانيتك الخالصة.
أن تزدحم لأي سبب وتعطل مستقبلاتك الحسية وتفقد القدرة على التواصل مع الآخر...
القدرة أن تراه بعينك الخالصة وتميزه بحسك وتخوض تجربة التعرف عليه.
هناك من يخاف الفوضى، العنف، الفقر.
يخاف القطار حين يتجه نحوه صارخا.
خوفي آخر.
ليس مرتبطا بالسلطة وممثليها، ولا بتوزيع الأدوار ولا بالقدرة على الإدارة والتنظيم والحوكمة.
خوف متعلق
أساسا بالحياة كقيمة مطلقة، الوجود ككينونة مستقلة، ديناميكية ومتفردة في فضاء مفتوح، المعرفة كحق وممارسة، التواصل طبيعة وإكتسابا
والحب فطرة و تمرينا.
لا أخاف معركة السلطة ولا الحرب القادمة، أخاف الحرب التي نعيشها وعدم القدرة على الجزم بأنها حرب.
عدم الإعلان عنها وعدم الفهم حرب من ضد من.
وماذا في مواجهة ماذا.
لا أخاف أن أموت.
أخاف أن لا تعرف أمي من أنا ؟ وأين دفنت؟
أخاف أن يطول بعدُ المسافات فيضعف جسدي ويضعف نظري أكثر
أنا الصغيرة الهزيلة أخاف أن لا يكتمل شملنا...
أن لا أعرف أي يد إمتدت لقتلي؟
أخاف أن أقبّل رجلا ويغدرني.
أن أجرح رجلا أحبّه.
أن يفسد حدسي، ولا أعرف الحب.
أخاف أن أفقد القدرة على الكينونة وإعمال العقل والتمييز والحكم وإبداء الرأي بثقة وإحترام.
أخاف أن لا أجرأ أبدا على أي خطوة.
أن لا آكل غلالا نضرة لأنها "قد" تكون سامة و"قد" تكون شهيّة، أن لا أتعلم أبدا الإختيار والمسؤوليّة.
أن لا أتعلم السباحة فأغرق
لا أخاف الفوضى ولا أخاف شرمذة عجزة، سيقبض الموت أرواحهم في نفخة شتاء واحدة...
أخاف أن لا أكون نجوت من ثقافة الخوف وأتواصل ال"خائفة".
Ons Bn Essayed
تعليقات
إرسال تعليق