كاميرا خفية

أصبحت متأكدة أننا في هذه البلاد لسنا بحاجة لمعرفة سيرة الأولياء الصالحين لسنا بحاجة لأكثر من نبي يلقي في الأرض معجزته ويحل السلام.

أعلم أن صمت القوافل ليس ذنبنا وشطرنج الأمم ليست لعبتنا، كما أن المباحثات والمؤتمرات ليست من شأننا، ولا تعنينا الحقائب الدبلوماسية ولا العناوين العريضة.

نحن في هذه البلاد كالريح تجري في الحقل اليابس،كحنجرة غاب منها الصوت، وأفواه مغلقة  وعيون سوداء بالمطلق

" كل ما يسقط من السماء، لا ينبغي لك أن تصبّ عليه اللعنات"......
يبدو على الكاتبة إيليف شافاك إعادة النظر فيما قالت، خاصة أن ما من قذيفة نبتت من الارض.
تبدأ سخرية القدر عند إعلان ملصق على مدخل أحد المطاعم بعدما أكل نصيبه من القذائف : المطعم مغلق للصيانة يخطر لي أن أصحح ما كُتب إلى :

البلاد مغلقة للصيانة ولا قطع تبديل لها ولا حتى مناطق صناعية لإعادة تصليحها.
تمر على مدينة لم تعترف بالحرب إبنة شرعية لها، تستمر بإنكارها بكل ما تملك ثم بلحظةٍ ما تسقط باكية فتنهمر القذائف على البيوت وما من يٍد تمسح عن وجهها دخان الحرب وغبار الأبنية.......
أصبحت تشبه إلى حدّ ما ذلك الشاب الأعرج الذي حين إقتربنا منه وسألناه عن سبب مشيته العرجاء كشف لنا عن قدمه البلاستيكية نعم، إنها قدم وتفي بالغرض لكنها بلاستيكية، كما هي مشاعرنا الآن بلاستيكية.
منذ صغري وأنا أكره برنامج  "الكاميرا الخفية " لا أجد متعة بالسخرية على الآخرين وجعل بعضهم يدخل في غيبوبة أو نوبة إحتشاء في عضلة القلب فقط لترتفع نسبة المشاهدين...أو إلى تلك الفئة التي تلعن الشعب والوطن بأقذر الألفاظ
الأن بعدما رافقت عمر هذه الحرب أمشي في شوارع العاصمة والكثير الكثير من الأماكن التي أخرجت ما في أحشائها على الأرصفة والطرقات وأسأل نفسي في كل مرة كيف ينام أحدهم جائعاً بوجود هذا الكم الكبير من المطاعم والمساجد والكنائس!!؟؟؟ وكيف ينامون في حديقة فندق "الفور سيزون" وغرف الفندق معظمها مظلمة! 
أجوب العاصمة بحثاً مني على رجلٍ يحمل مايكروفون في يده يستوقفني في منتصف الطريق ويقول لي "أنظري هناك، عند إشارة المرور" فأفعل، ثم يتابع ضاحكاً " قولي مرحبا للكاميرا ".
Ons Bn Essayed

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إرتجاج في المخ

لأجل أمي

الخوف