كِتَابةٌ

يمكنني الكتابة الأن بعد، دقيقة غدا، يمكنني الكتابة عن أي شيء، الزجاج المكسور ،حالات الوفاة في العالم، سمي الشيء وسوف أكتب عنه كثيرا...

 أحفظ الكثير من الكلمات التي أبهرتني وأستطيع خلق تشابيه جيدة، يمكنني أن أكتب ليوم، خمسة أيام ربما، لكنني لن أكتب شيئا يشبهني ما دامت "الكتابة" بحد ذاتها هي التي تعنيني.
الكاتب يحب نصه أو قصيدته أكثر كلما رأى نفسه فيها، إننا مهما كان مستوانا، نحاول عكس أرواحنا بما نكتبه، ونحاول أن نظهرها بأصدق ما يكون كي نشعر بأن لنا قطعة من هذا العالم......

أحيانا تفكر كيف تستطيع إقناع صديقك أنك تحتاج أن تجلس بمفردك كيف سيفهم أن إلتفاتك عنه لا يشي بشيء ، كيف ستقنعه أنك مازلت تحبه رغم كثرة محاريبك النائية عنه ، أو كيف ستقنع أمك أنك لا تتعمد السهو عن حوارك معها ، أنك لا تهمل عهد البر بها ، كيف ستقنع الأستاذ أنك تحتاج حالا ورقة وقلم ولو إضطرك ذلك الكتابة على هامش كراس مادته ، أم كيف تخرج من مأزق إكتشافه إن ما تكتبه لا يمت صلة بموضوع المادة ..
كيف تقنعين شابا أنك لست واقعة في حبه وأن غرقك في عينيه كان عثرة إلهام عابرة لحظة طيش لحرف أحمق ..

أم كيف تقنع الجمع أنك لست مغرورا حين تضع على أذنيك سماعات لموسيقاك الملهمة كي تحاصر تلك الجذوة وتضرمها في أوراقك..
كيف ستوقف ذلك الطفل الذي بداخلك الذي يسلبك كل رشدك فقط كي يكتب ..
ستحاصرك الأمكنة ستكلمك في أحيانٍ غريبة ومحرجة ستقودك للتوحد ورغبة طافحة بالتحلي بالجنون  ..
سيجعل منك الحرف قديسا وعربيدا ، سيلثمك ويعانقك ، يقرصك ويقتلك ، سيصبح شهوتك التي لن ترتوي منها يوما  ..
سيغتال حضورك في أشد الأوقات حاجة للحضور ، ستنفى في عز ما تحتاج للتوطن ، سيغمرك في النسيان في وقت تحتاج أن تذكر تستذكر ، سيذكرك في أوج ما يكون النسيان إحتياجا ..
الكتابة هي سماء المنفى و سحابة التيه التي ما إن تعانق المشاعر حتى تنهكها العبرات فتمطر حرفا ..
Ons Bn Essayed

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إرتجاج في المخ

لأجل أمي

الخوف