المشاركات

عرض المشاركات من يناير, ٢٠١٨

رجلٌ

أحتاج رجل يجيد السباحة لأن لا  يغرق في طوفاني لأنّه  يدرك جيدا أنّه ليس سوى كأس صغيرة من طوفان العالم ، أحتاج رجل عَاشرَ الذّئاب الطّاعنة كي يستطيع أن يدرك مدى عظمة الفراغ والوحدة ،أحتاج رجل يدرك المسافة الغريبة والأليفة  الواضحة والغامضة بين ظاهري وباطني  أحتاج رجل يعرف كيف يبتعد وكيف يقترب،رجل يعرف أنّ للمحيطات شطآنا  وأنّ لليأس غُنجا وأنّ المواويل أيضا تنام مثلما ينام الحمام والنّمل والدّلافين ، أحتاج رجل يرى الحياة مثلما يسمع الموسيقى ويحبّ مثلما يرقص الطّانغو  ويسترخي مثلما يسترخي الموج ويخفّ مثلما تخفّ النّسمات ويصمت مثلما تنتهي الأفلام الحزينة وتتوالى أسماء أبطالها ببطء على الشّاشة كأوراق الشّجر الذّابل  وهي تسقط في الخريف ..... أحتاج رجل لا يحتاجني ، أحتاج رجل يسخر من هوسي وتكبّري ويهديني بساطة العالم في لمسة من يديه اليائستين..  أحتاج رجل مثل إمرأة أكونها الآن  أحتاج إمرأة مثل إمرأة سواي ولا أكونها الآن ..... رجل يهبّ على أنوثتي مثلما تهبّ بويضات إناث الأسماك على ذكورها , هناك في المحيطات البعيدة حيث الحكمة الأخيرة ليست شيئا آخر سوى الصّمت Ons Bn Essayed

جرعة إنتحار

كأي منتحرة، لم أعامل جيدا ولم  أغسل وكان ذلك جيدا. كنتُ أحب أن أحتفظ بكل أوساخي معى، إلى آخر لحظة ، طبعا تعرفون، القبور باردة وفارغة وظلماء ومخيفة  ويبدو أن  "الأبد" طويل وممل،  ولقد حرصت في حياتي السابقة أن تكون أوساخي مثيرة، غنية بالتفاصيل، حتى إذا ما مت أثثت بها قبري وتسليت بمراجعتها والنم عليها. بالرغم من موتي لم أهدأ، لم يهدأ فضولي: أحببت أن أعرف من صاحبني إلى سكني الثابت الأخير، من إحتمل مواصلات يوم الأثنين ليودعني ويلقي نظرة أخيرة أو وردة أو دمعة أو شتيمة.. كان من الصعب أن أطل بينما  جسمي موار بالتراب، جذعي مثبت، أكتافي ثقيلة، نفسي يذيق مع كل ثانية وخاصة أنني لا أحب الأماكن الضيقة لكن عنادي كان كافيا لأرفع رأسي: تبا، هؤلاء فقط ! يبدو حقا أني كنت نكرة. ثم لم أنجح فى الإحتفاظ بالعديد من حولى..مع أنني حاولت للأمانة. بعض الوجوه لا أعرفها، ولا أعرف لِمَ يبدو الحزن والتأثر عليهم.. غريب أمرهم البشر، لا شيء يثير عواطفهم قدر الموت. أيها الأوغاد، كل جرائم الحياة لا تنتبهون لها، فقط يرعبكم الموت ! صادفتني إمراة بوجه مألوف تنتحب: "بالثلاثين، ماتت صغيرة" بطرف

إرتجاج في المخ

لنكن متفقين على أنني شخصية تحب النظام والنظافة تحب ترتيب البيت وترتيب حديقتها، ولنكن متفقين أيضا أن لديّ إرتجاج في المخّ وزلزال في القلب  ونقص فادح في النّوم وخلل في إضاءة الغرفة وأريد أن أكتب ....  أريد أن أكتب عن رقصة الفتاة اليابانيّة في الحديقة العامّة بفستانها الطّويل  والطّلاء الأبيض على وجهها وبكعبها العالي الذي يفوت طوله طولي لنتفق على أنّها قمر حزين سقط للتوّ من السّماء ، أريد أن أكتب عن الذّين يموتون ولا أحد يعرف إلى أين سافروا ، أريد أن أكتب عن جسدي النّحيل الواقف أمامي كسكّين مثبّتة بين حجرين فلا هي تقوى على الطّعن ولا هي تقوى على السّقوط ، أريد أن أكتب عن الالتباس والهوج وعودة الرّوح .....أريد أن أكتب عن بصمة الروح في قلم حبيبي أريد أن أكتب عن قلم الشفاه الأحمر  المنسيّ في خزانتي أطلي به شفتيّ باحثة عن أخر قبلاتي ، أريد أن أكتب عن حمم البراكين الحمراء تقبّل الجبال بهدوء وكأنّها حقول من الجلّنار المتوهّج الفائح برائحة العشق والانصهار ، أريد أن أكتب عن الشّوق الذّي يفقد حبري صوابه ، أريد أن أكتب عن فرس الماء وهو يصعد من الوحل كأنّه آدم يخرج من الطّين ، أريد أن أكتب عن

لأجل أمي

كلّ محادثة هاتفيّة مع أمّي، تنتهي إلى سؤال واحد هل هناك من جديد؟؟ أتمتم بين نفسي ها قد بدأت أمي وهنا تقصد حرفيا : هل وقع رجل في المصيدة ؟ هذا السؤال البسيط،الجميل، الطيب، الملح، الراجي، الخفيف، الثقيل، المازح، الملح، المربك،الذي يجعلني أتسأل عن معنى الوجود منذ ستة عشرون سنة إلى ما بعد الستة والعشرون.. هذا السؤال الذي يلخص ثقافة كاملة من ال"حب"، تخيلوا تلك اللعبة بين الصياد والفريسة  والمصيدة..... يا الله ما أجمل علاقاتنا ! سؤال طيب، يسأله آلاف الأهالي الطيبون لأبنائهم وبناتهم، بشكل متواتر .. الأهل! تعرفونهم ؟؟ إنهم أولئك الكائنات الطيبة التى إعتدنا رفقتها منذ الصغر، من إعتادوا أخبارنا بالصواب والخطأ ومدّنا بالنصح.. الأهل أيضا هم من ساهموا إلى حد كبير فى أن نكون نحن فى هذا المكان. أقصد هذه النقطة من المستنقع القذرة الكريهة أهلنا الطيبون الذين أورثونا كلّ مخاوفهم وطموحاتهم المؤجلة وهزائمهم وعقدة الفقر الكريهة والإحباط والتقزيم وعدم الطموح، والعاطفة العنيفة. الأهل هم أولئك الذين عاشوا فى طمأنينة معتقداتهم طوال حياتاتهم ودفعنا نحن سبب هذه المعتقدات. الأن هم يتمتعون

رميتُ نردِي

أنا إمرأة سهلة، كأرض مفتوحة و ممتدة. لا أسيّج نفسى بما يكفي من الشّوك لأسجنها عن العالم. لذلك يعبرني المارة الكسالى، و السرّاق الصّغار الهاربون وتجتمع النّساء بأركاني للشّكوى  والنّميمة، يرمين قُشور اللّيمون و يرحلن. ويسكر الصّعاليك من لا مؤوى لهم بحضني ويتبوّلون، ثم آخر الليل، يتعاركون على طرق العودة. يشقّني الأطفال فى طريقهم إلى منازلهم و يخافون الغولة التى تسكن أرضا كبيرة و مهجورة. الغولة التي تلاحقهم لأجل عناق..يرمونها بالطّوب حين تلوّح لتودعهم. تخدشنى أوتاد الخيم الصّغيرة وتبقى آثار الرحيل مرشومة... ستة وعشرون عاما ولم يتغيّر شيء. لازالت هذه اللّعبة تقلقنى ولازلت أبحث عن مهرب. لازلت حيّة يا أُمّي،لم أغرق في حفرة،لم تدهسني سيّارة،لم يقتلني الحزن،لم أشرق وأنا أضحك، لم تباغتني رصاصة قنّاص. لم أسجن، نجوت إلى الآن من كل أحلامي. ستة وعشرون عاما من الفزع ولم تنل الحياة منّي ولا الأوغاد. ربما جروحي مُعلّمة، وبي رضوض كثيرة. لكنّنى لازلت حية لم أسجن بعد لأجل كأس أو قبلة أو نكتة. أُمي أنا حية هذا كل، نجاحي كل ما حققته، كل ما يستحق. وتمنحني الحياة وقتا جديدا لأقامر به وألع